نازية أدولف ترامب

هناك موجة متواصلة من التهجم اللاذع على الرئيس ترامب، من اليسار المتذمر. الفكرة الرئيسية هي أن ترامب نازي. ولكن هل هو كذلك؟

تنحدر عائلة ترامب من بافاريا، ألمانيا. امتلك جده بيت دعارة ومطعمًا في وايت هورس خلال فترة حمى الذهب في كلوندايك. كان المطعم يسمى “بودل دوغ”، وكان يعلن عن “غرف خاصة للسيدات”، وهو كناية عن البغايا.

وفقا لكاتبة للسيرة الذاتية جويندا بلير، الأستاذة المساعدة في كلية الدراسات العليا للصحافة بجامعة كولومبيا، فإن عائلة الرئيس دونالد جيه ترامب تنحدر من محامٍ يدعى هانز درومبف الذي استقر في كالشتات، بألمانيا سنة 1608، عندما كانت جزءا من الإمبراطورية الرومانية المقدسة – غيّر أحفاده تهجئة الاسم من درومبف (أو درومبفيلر) إلى ترامب.

في ماي 1927، ألقي القبض على فْرِيد ترامب، والد دونالد ترامب، مع ستة آخرين خلال اشتباك بين أعضاء جماعة كو كلوكس كلان والشرطة خلال مسيرة يوم الذكرى في جامايكا، كوينز، نيويورك. وشارك في الحادثة ألف عضو من جماعة كو كلوكس كلان و100 شرطي، حيث خاضوا “معركة مفتوحة”، وفقًا لمقال نشر في صحيفة نيويورك تايمز في يونيو 1927.

يعتبر ترامب النازي من أبرز المطبقين لأفكار أدولف هتلر.
دونالد ترامب مع والده فريد ترامب.

في أكتوبر الماضي، وفي الأيام الأخيرة من الحملة الرئاسية الأمريكية، صرّح دونالد ترامب لأنصاره في تجمعٍ حاشدٍ بمدينة أتلانتا بأنه “ليس نازيًا”. وكان رئيس أركانه السابق، جون كيلي، قد صرّح في مقابلةٍ له بأنه خلال ولايته الأولى، ألمح ترامب مرارًا إلى أن الزعيم النازي أدولف هتلر “قام ببعض الأعمال الصالحة” وأنه “أراد جنرالاتٍ مثل هتلر”. وأضاف كيلي أنه بعد مراجعة القاموس، خلص إلى أن ترامب “بالتأكيد” ينطبق عليه تعريف الفاشي.

نظام ترامب الجديد*

من المؤكد أن زوجته السابقة، إيفانا، كانت لديها شكوك حول وضع ترامب النازي – فقد زعمت أن ترامب كان يحتفظ بكتاب لخطابات هتلر بجانب سريره:

في أبريل الماضي، وربما في ظل موجة من القومية التشيكية، أخبرت إيفانا ترامب محاميها مايكل كينيدي أن زوجها يقرأ من وقت لآخر كتابًا يضم مجموعة من خطب هتلر، بعنوان "نظامي الجديد"، والذي يحتفظ به في خزانة بجوار سريره... إن خطب هتلر، منذ أيامه الأولى وحتى الحرب الزائفة عام 1939، تكشف عن قدرته الاستثنائية كداعية ماهر. 

قارن أكثر من معلق خطاب ترامب بخطاب أدولف هتلر. من مقال في مجلة هارفارد السياسية:

«يحاكي خطاب ترامب العنصرية واللاإنسانية التي اتسم بها خطاب أدولف هتلر. فلغته لا تناسب سياسيا يحكم نيابة عن جميع الأمريكيين بغض النظر عن العرق أو الإثنية أو الجنسية. إنه نوع الكلام المتوقع من ديكتاتور شمولي.

في عام 2023، جادل ترامب أربع مرات على الأقل بأن المهاجرين “يسممون دماء” الولايات المتحدة. وادعى هتلر، في كتابه “كفاحي”، أن “جميع الثقافات العظيمة في الماضي اندثرت لأن العرق المُبدع الأصيل اندثر بسبب تسمم الدم”. و إذا كان هذا يمثل التشابه الأبرز بين خطاب ترامب وهتلر، فإنه ليس التشابه الوحيد.

منذ بداية حملته الانتخابية الأولى، دأب ترامب على استخدام خطاب معادٍ للأجانب من خلال استهداف المهاجرين والأقليات.  في  إعلانه الخطابي سنة 2015، وصف المهاجرين المكسيكيين بأنهم “مغتصبون” يجلبون “المخدرات” و”الجريمة” إلى الولايات المتحدة».

طوال حملته الانتخابية لعام 2024، استهدف ترامب المهاجرين بكثافة أكبر. فقد وصف المهاجرين غير المسجلين بـ”الحيوانات” وأصرّ على أنهم “ليسوا بشرا”.

ومع ذلك، يتوصل بعض الأمريكيين إلى استنتاج مروع مفاده أن أمريكا ترامب عام 2025 هي انعكاس لألمانيا النازية عام 1934. وكان أدولف هتلر أيضًا محبوبًا من الشعب الألماني.

ترامب يحيي قوانين هتلر*

أكد أحد كبار مساعدي ترامب، نائب رئيس الأركان، ستيفن ميلر، علناً يوم الجمعة 9 ماي، أن الإدارة “تبحث بنشاط” تعليق أمر المثول أمام القضاء، مضيفاً أن الأمر “يعتمد على ما إذا كانت المحاكم تفعل الشيء الصحيح أم لا”.

سأل مراسل من موقع Gateway Pundit ستيفن ميلر:

تحدث الرئيس ترامب عن إمكانية تعليق أمر المثول أمام القضاء لمعالجة مشكلة الهجرة غير الشرعية. متى برأيك سنشهد ذلك؟

أجاب ستيفن ميلر:

 حسنًا، الدستور واضح، وهو القانون الأسمى في البلاد، وينص على إمكانية تعليق امتياز أمر المثول أمام القضاء في حالات الغزو. لذا، أعتقد أن هذا خيار ندرسه بجدية.

أوقف هتلر العمل بأمر المثول أمام القضاء بعد حريق الرايخستاغ عام 1933، وهو ما كان بمثابة بداية لتعليق جميع الحقوق المدنية في ألمانيا.

وزعم ترامب أن الولايات المتحدة “غزاها” مهاجرون غير شرعيين، وفي مارس، استشهدت الإدارة بقانون أعداء الأجانب لعام 1798 لتبرير ترحيل أكثر من 230 مهاجرا إلى السلفادور دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، حيث يتم سجنهم دون توجيه اتهامات إليهم.

تفاخر ترامب أمام عضو جمهوري في الكونغرس بأن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أخبرته أن هناك “زعيما واحدا فقط” في التاريخ اجتذب حشودًا كبيرة مثل ترامب.

قال ترامب لعضو الكونغرس الجمهوري:

أخبرتني أنها اندهشت من حجم الحشود التي حضرت لمشاهدتي أتحدث. قالت إنها لا تستطيع أبدا أن تستقبل حشودا كهذه. في الواقع، أخبرتني أنه لم يسبق لأحد أن استقبل حشودا بهذا الحجم مثلي.

وصف خصومه السياسيين بـ”العدو الداخلي… مرضى، مجانين يساريين متطرفين”. ليس فقط أنهم محرومون من الحقوق؛ بل يجب أن “يتولى الحرس الوطني التعامل معهم، أو الجيش إن لزم الأمر”.

بعد تنصيب ترامب عام 2016، قاد ريتشارد سبنسر، زعيم معهد السياسة الوطنية، أتباعه في تحية نازية، ودعاهم إلى “الاحتفال كما لو كنا في عام 1933”. يدعو سبنسر إلى دولة عرقية بيضاء في أمريكا وأوربا، ويدّعي أنه اخترع مصطلح “اليمين البديل”.

توظيف شعارات النازية و الفاشية*

خلال حملة انتخابات 2024، كان ترامب يتمايل على أنغام الموسيقى أمام شعار ضخم: “ترامب كان محقا في كل شيء”.

وهذه لغة مستعارة مباشرة من بينيتو موسوليني، الفاشي الإيطالي، الذي كان يميل إلى استخدام شعار مماثل: موسوليني على حق دائما.

أدت أفعال هتلر إلى إبادة جماعية، وحرب عالمية، ودكتاتورية شمولية، وراح ضحيتها ملايين القتلى. لم نصل إلى هذه المرحلة بعد مع دونالد ترامب. لكن علينا أن نأخذ في الاعتبار الإبادة الجماعية الدائرة في غزة، والتي يعد ترامب شريكا فاعلا فيها.

في فبراير من هذا العام، التقى ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، و روّج، دون اعتبار، لمقترح خطير يتجلى في تحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”. إن التطهير العرقي للسكان الفلسطينيين بهدف تحويل غزة إلى منتجع ساحلي للأثرياء هو خطة بغيضة. هل تتخيل قضاء عطلتك في فندق بني على جثث النساء والأطفال؟

دعا ترامب مصر والأردن إلى استيعاب النازحين الفلسطينيين، بينما ستتولى الولايات المتحدة قطاع غزة. وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز، أوضح ترامب أن توطين الفلسطينيين سيكون دائمًا، دون حق العودة.

ترامب هو هتلر صغير يعمل لدى والد هتلر

لا يمكن النظر إلى سياسات ترامب خارج نطاق مدبريه وأسياده، المتغلغلين في طبقة المليارديرات العالمية. المنتدى الاقتصادي العالمي منظمة فاشية دولية تروج لتحسين النسل، والذكاء الاصطناعي، وما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة، ورأسمالية أصحاب المصلحة، واستخراج البيانات، والعملات الرقمية، و ما بعد الإنسانية، وفي نهاية المطاف، خلق عرق مسيطر:

 تمثل الثورة الصناعية الرابعة تغييرًا جذريًا في طريقة إنتاجنا للقيمة وتبادلها وتوزيعها. إنها نقلة تكنولوجية تدمج عوالمنا المادية والرقمية والبيولوجية في عالم واحد. تعدّ التقنيات سريعة التطور التي تدفعها قدمًا، مثل الذكاء الاصطناعي، وتعديل الجينوم، والواقع المعزز، والروبوتات، والطباعة ثلاثية الأبعاد، حلولًا ذكية واعدة لتحديات مستعصية. لكن هذه الثورة تتطلب أيضًا إدارة هذه الحلول بطرق تمكّن، وتعزز التعاون، وتسهم في بناء أساس أكثر استدامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

زعم عالم السياسة كلاوس جيرد جيسن أن الإيديولوجية السائدة للثورة الصناعية الرابعة هي الإنسانية المتقدمة (ما بعد الإنسانية):

يكشف تحليل خطاب ما بعد الإنسانية أنه يرافق ويبرر مزيدًا من تسليع الحياة البشرية نتيجةً للثورة الصناعية الرابعة. وذلك من خلال الاستخدام المكثف لـ"تقارب" تقنيات NBIC، (تقنيات النانو والتقنيات الحيوية والمعلوماتية والعلوم المعرفية) وهو ما يمثل نقطة تحول مهمة في تطور الرأسمالية. وهكذا، فإن ما بعد الإنسانية، بعد أن بلغت مرحلة مشروع سياسي كبير، تعزز مصالح شركات التكنولوجيا الفائقة متعددة الجنسيات الكبرى التي تدعم نشر هذه الإيديولوجية على نطاق واسع.

كان النازيون مهووسين بفكرة الإنسان المتفوق والإنسان الأدنى، أي الإنسان الأعلى والإنسان الأدنى حرفيًا. أو بمعنى أوضح، الإنسان السوبرمان والإنسان الأقل شأنا. كان مصطلح “الإنسان الأدنى” مصطلحًا استخدمه الحزب النازي على نطاق واسع للإشارة إلى خصومه والأشخاص غير الآريين الذين اعتبرهم أدنى منزلة. واستُخدم هذا المصطلح بشكل رئيسي ضد “جماهير الشرق” – اليهود والغجر والسلاف، والبولنديين العرقيين، والبيلاروسيين، والتشيكيين، والأوكرانيين، والروس، والصرب.

التكنوقراط النازيون اليساريون

كشف ترامب عن مبادرة بقيمة 500 مليار دولار، تحمل اسم “ستارغيت” (بوابة النجوم)، لإنشاء شبكة بنية تحتية ضخمة للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة. وأعلن ترامب، إلى جانب سام ألتمان من شركة OpenAI، وماسايوشي سون من سوفت بنك، ولاري إليسون من أوراكل، أن “هذا أعظم مشروع بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في التاريخ”.

تبدأ المبادرة باستثمار أولي بقيمة 100 مليار دولار من شركات OpenAI وSoftBank وOracle وMGX. سيستخدم لبناء مراكز بيانات في تكساس، تليها أربع عمليات توسعة. تستهلك مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي كميات هائلة من الطاقة. وتشير تقديرات مقال في بلومبرغ إلى أن تكساس ستحتاج إلى 30 محطة طاقة نووية جديدة لدعم مراكز البيانات بحلول عام 2030.

خلال إدارة ترامب الأولى، عيّن الرئيس منصف السلاوي، وهو خبير في مجال واجهات الدماغ والآلة، مسؤولاً تنفيذياً في شركة أدوية، لإدارة عملية “وارب سبيد”. (السرعة القصوى) وفي الوقت نفسه تقريباً، وصف كبير مسؤولي العلوم في شركة موديرنا تقنية mRNA في حقن كوفيد بأنها بمثابة تركيب “نظام تشغيل” في جسم الإنسان. يعدّ إنترنت الأجسام جزءاً لا يتجزأ من شبكة التحكم والمراقبة التي تتقاطع مع مشروع “ستارغيت” ومشروعي “ستارلينك” و”نيورالينك” التابعين لإيلون ماسك.

مشروع زرع الشريحة في دماغ الإنسان: نورالينك.

هؤلاء المستثمرون الأوائل في الأسهم، إلى جانب مساهمين إضافيين مثل مايكروسوفت وإنفيديا وآرم، مدرجون ضمن قائمة الشركات ذات الشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي. وقد تقرّب ترامب من مليارديرات وادي السيليكون اليساريين، وعلى رأسهم إيلون ماسك، بالإضافة إلى سوندار بيتشاي وجيف بيزوس ومارك زوكربيرج وبيتر ثيل.

يشرح يوفال هراري، نبي الهلاك في المنتدى الاقتصادي العالمي، العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والتطور البشري:

يكتسب البشر الآن قدراتٍ أعظم من أي وقت مضى. نحن نكتسب بالفعل قدرات الخلق و التدمير الإلهية. نحن بالفعل نرفع البشر إلى مرتبة آلهة. على سبيل المثال، نكتسب القدرة على إعادة هندسة الحياة البشرية.

ترامب مجرد أحمق مفيد.

لا يكترث حقًا بأهداف أسياده، بل يهتم فقط بالاستفادة من امتيازات تسهيل ثورتهم التكنولوجية الجنونية. قطر أهدته طائرةً بقيمة 400 مليون دولار لأنها تدرك تمامًا إمكانية رشوة ترامب.

إن العبقرية السياسية الحقيقية لترامب تكمن في إدارة أعداء الدولة العميقة، وإقناعهم بأنه مسيحهم الذي سيؤسس لعصر ذهبي أمريكي جديد، لكن ترامب مجرد دكتاتور بسيط يساعد أسياده في إنشاء شبكة تحكم رقمية.

النازيون الحقيقيون هم في أعلى الهرم المالي. النخبة المالية، مثل جولدمان ساكس، وروتشيلد، وواربورغ، وشيف، وغيرهم من النازيين الصهاينة المختلين عقليًا، ملتزمون تمامًا بإنشاء جبل الأولمب، أو لنقل جبل صهيون، والحكم كآلهة الأرض إلى الأبد.

يظهر النازيون اليوم أدولف هتلر كمعلم روضة أطفال. إنهم أكثر تعقيدًا وقوةً ومكرًا. لم يحاول النازيون إخفاء هويتهم، بل كانوا يفتخرون بكونهم مرضى نفسيين عنصريين. لكن نازيو اليوم يختبئون وراء عبارات يسارية مفرطة وقومية يمينية. يفرضون أجندتهم عبر جيش ضخم من العملاء والمنافقين والعملاء المتغلغلين في جميع جوانب المجتمع.

لو كان هتلر حيًا اليوم، لغمرته السعادة بكل الشرور الجميلة التي ألهمها خلال صعود الرايخ الثالث وسقوطه. إن مخططات ودسائس النازيين اليوم تفوق بكثير حتى أحلام أدولف هتلر الجامحة.

ختم الكاتب مقاله بقولة أدولف هتلر: “إذا أردتَ أن تشرق كالشمس، فعليكَ أولًا أن تحترق مثلها”.

ترجمة: منير علام.

* بعض العناوين الفرعية من اقتراحي.

Loading

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  • Rating